الذكاء الاصطناعي: كيف يهدد مستقبل البشرية ؟
الذكاء الاصطناعي: كيف يهدد مستقبل البشرية ؟
من “سيري” إلى السيارات ذاتية القيادة، يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة رهيبة لا يتوقعها البشر، ويعرف الذكاء الاصطناعي اليوم باسم “الذكاء الاصطناعي الضعيف”، حيث إنه مصمم للقيام بمهام محدودة مثل التعرف على الوجه فقط، أو البحث على الإنترنت، أو قيادة السيارات.
ومع ذلك، فإن الهدف الطويل الأجل لكثير من الباحثين هو إنشاء ذكاء اصطناعي قوي، والمخيف في الأمر، أن الذكاء الاصطناعي الضعيف قد تفوق على البشر بجدارة بغض النظر عن مهمته، مثل لعب الشطرنج أو حل المعادلات، وهو ما يدل أنه تفوق على البشر في كل مهمة إدراكية تقريباً، فإلى أين سيصل الحال عندما يقوم البشر بتطويره إلى النوع القوي؟
على المدى القصير، يعد إبقاء تأثير الذكاء الاصطناعي ضعيف، من أحد الأشياء التي تعود على المجتمع بالنفع وخصوصًا في الأبحاث التي يتم اجرائها في العديد من المجالات، سواء في الاقتصاد والقانون، أو في الموضوعات الفنية مثل الأمن، والسيطرة، والتحقق من الهوية.
لكن على المدى الطويل، يكون السؤال المهم هو:
ماذا سيحدث إذا نجح البشر في إطلاق ذكاء اصطناعي قوي؟ وما هو مستقبلنا إن أصبح الذكاء الاصطناعي أفضل من البشر في جميع المهام المعرفية؟ حسنًا، كما أشار العديد من الخبراء، تُعد مهمة تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي في حد ذاتها مهمة إدراكية، وهو أمر قد ينتج عنه تصميم الذكاء الاصطناعي كي يتعلم وحده، وبذلك لا ينحصر الأمر على ما قام البشر بتصميمه عليه فقط، بل إنه سوف يقدر على تطوير أنظمته، مما يؤدي إلى انفجار إدراكي يترك العقل البشري وراءه بكثير. قد يكون الأمر مفيدًا بعض الشيء، فإنه من خلال ابتكار تكنولوجيات ثورية جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، قد تساعدنا في القضاء على الحرب والمرض والفقر، وبالتالي فإن إنشاء الذكاء الاصطناعي القوي قد يكون أكبر حدث مفيد في تاريخ البشرية.لكن مع ذلك، فإن الأمر يحمل الكثير من المخاطر في طياته، وقد أعرب بعض الخبراء عن قلقهم من أنه قد يكون أيضًا أكبر سلاح مدمر للبشرية؛ ما لم نتعلم أن نسيطر عليه.
كيف يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي خطرًا ؟
في هذه النقطة يعتقد الخبراء أن هناك سيناريوهين على الأرجح:
السيناريو الأول هو أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكنها أن تُبرمج للقتل، وفي حال وقعت هذه الأسلحة في أيدي الشخص الخطأ، يمكن بسهولة أن تسبب خسائر جسيمة. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي سباق التسلح هذا دون قصد إلى حرب عالمية ينتج عنها خسائر كبيرة في الأرواح.والأمر المخيف، هو أنه في تلك الحالة، سيتم تصميم هذه الأسلحة بحيث يصعب للغاية “إيقافها”.
ووفقًا لتقرير صدر من قبل فريق من الأكاديميين والباحثين من جامعة أكسفورد،
هناك الكثير من المخاوف التي قد تُمكن للمجرمين – على سبيل المثال – من استخدام تقنيات التعلم الآلي لزيادة محاولات القرصنة الآلية، وهي واحدة من أكثر الجرائم كارثية في عالمنا الرقمي هذه الأيام،
فالقرصنة الآلية يمكنها أن تهدد اقتصادات دول كاملة، وهو ليس سراً أن الروبوتات والخوارزميات تتحكم في العديد من الأنظمة المالية والحكومية الرئيسية في جميع أنحاء العالم، مثل التداول في وول ستريت والبورصات الأخرى. ووفقًا لـ “رومان يامبولسكي” رئيس مختبر الأمن السيبراني في جامعة لويزفيل، فإن الثغرات في تلك الأنظمة قد تكون لها عواقب وخيمة،وبجانب تدميرها للاقتصاد، يمكنها أن تبدأ أي حرب تريد في حال اخترقت الأنظمة الأمنية والدفاعية للدول.وكما توضح هذه الأمثلة، فإن القلق البشري بشأن الذكاء الاصطناعي المتقدم ليس هو الحقد عليه بسبب تطور قدراته عنا، ولكن الكفاءة المبالغ فيها التي قد يصل إليها بحيث تمكنه من الانقلاب علينا، وحينها، فإن الذكاء الاصطناعي الفائق سيكون جيدًا للغاية في تحقيق أهدافه، وإذا لم تكن هذه الأهداف متوائمة مع أهدافنا، فسوف يكون لدينا مشكلة كبيرة.
أما السيناريو الثاني ويُعد أكثر كارثية من الأول، هو أن يفقد البشر أنفسهم القدرة في السيطرة على مثل هذه التكنولوجيا الخطيرة، ثم تبدأ في شن حرب إبادة كاملة تجاههم. والجدير بالذكر، أن هذا الخطر يمكنه أن يتواجد تلقائيًا مع زيادة مستويات الذكاء الاصطناعى والاستقلالية الذاتية، فقد تتمكن تلك الأنظمة المعقدة يومًا ما في شن حرب علينا دون أن نأمرها أو نبرمجها على ذلك.
وفي تلك الحالة، تُعد فرص نجاة البشر منعدمة تمامًا، فالذكاء الاصطناعي سوف يتفوق علينا إدراكيًا بآلاف المرات، كما أن اعتماده سوف يكون على استخدام الروبوتات مثل الطائرات بدون طيار، أو حتى صنع روبوتات حربية مصممة لقتل البشر، وهو ما يجعل فرصنا منعدمة جسديًا أمامها أيضًا.
والأخبار السيئة، هو أن قدراتنا على التخفي والهرب سوف تكون ضعيفة أيضًا، على سبيل المثال فقد استطاع “Nautilus” وهو حاسوب أمريكي عملاق يعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تحديد أماكن العديد من الإرهابيين بدقة كبيرة، لذلك لا مجال للتخفي خصوصًا في حال تطورت تلك الأنظمة عن ذلك.
هل اندهشت؟
ماذا إن أخبرتك بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي الآن يمكنها أيضًا التنبؤ بتحركات البشر، وتوقع احتمالية ارتكابهم لجرائم معينة، ففي أمريكا على سبيل المثال، يتم إدخال السجل الإجرامي للمجرمين المُخلى سبيلهم من السجون إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، ويتم تتبع تحركاتهم من خلال كاميرات الشرطة في الشوارع، والتي تتصل بأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتعرف على الوجه، وتضع العديد من الاحتمالات لتحركات المجرمين بعد ذلك.فإن رأت إحدى الكاميرات تحركًا غير طبيعي لمجرم ما، يتعرف عليه النظام بسرعة كبيرة، ويبدأ في إطلاق التحذيرات التي يستفيد منها أفراد الشرطة ويقرروا ما إذا كانوا سيتحركوا لمنع الجريمة التي على وشك أن تحدث أم لا.
الآن، يأتي السؤال الأخير، ماذا إن استطاع الذكاء الاصطناعي أن يُطور قدراته عن ذلك؟
أعتقد حينها أننا سوف نمتلك فرصة ضئيلة للنجاة من خطره، فقدراته الإدراكية سوف تكون متفوقة علينا بمراحل.
لهذا، يعتبر تسليط الضوء على تطورات الذكاء الاصطناعي أحد الأشياء التي قد تمكن البشر من الاستعداد له بشكل أفضل، ربما يستطيعوا منع الهجمات المستقبلية أو غيرها من المشاكل ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تحدث، وهو ما ينادي به الكثير من رواد الأعمال مثل بيل جيتس وإيلون ماسك.